كتاب الطالب الإمارات تاريخنا للصف 12 الفصل الأول 2021-2022
محتوى الموضوع
هدا الملف ل الصف 12 عام لمادة اجتماعيات ثاني عشر الفصل الاول
كتاب الطالب الإمارات تاريخنا للصف 12 الفصل الأول 2021-2022
المقدمة
منذ تأسيسها كدولة مستقلة قبل نصف قرن تقريبا، لا تزال دولة الإمارات العربية المتحدة تنعم منذ ذلك الحين بمعدلات متزايدة من التقدم والازدهار وذلك بفضل الرؤية الحكيمة والجهود المخلصة للآباء المؤسسين للدولة
وقد تابع أصحاب السمو حكام الإمارات أعضاء المجلس الأعلى مسيرة النهوض حتى وصلت دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم إلى مصاف الدول المتقدمة في العالم ولا يمكن لنا ان ندرك جيدا حقيقة هذه المكانة المتقدمة التي تتبوأها دولتنا الحبيبة الآن إلا إذا نظرنا إليها ضمن سياقها التاريخي، وتعرفنا عن كثب على الجهود المضنية التي بذلها أسلافنا
يرسم كتاب “الإمارات: تاريخنا” ملامح مسيرة دولة الإمارات العربية المتحدة من الماضي وحتى الحاضر مما يجعله مصدرا قيما من المعلومات للتعرف على مراحل التطور التاريخي التي مرت بها دولة الإمارات العربية المتحدة حيث يتتبع جذورها الضاربة في عمق التاريخ منذ اكتشاف الأدلة الأولى على قيام أقدم المستوطنات البشرية والأدوات الحرفية على أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة قبل (125,000) سنة وحتي وصلت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى ما هي عليه الآن. بالإضافة إلى ذلك، يستعرض هذا الكتاب أحدث الحقائق التي توصل إليها المؤرخون وأخر الاكتشافات التي عثر عليها علماء الآثار في دولة الإمارات العربية المتحدة
إن دراسة التاريخ أمر في غاية الأهمية ومن شأنه مساعدتنا في استخلاص الدروس من الماضي والاستفادة منه في الحاضر، بالإضافة إلى أنها تعمق معرفتنا في كيفية عيش أسلافنا مما يزيد من احترامنا لهم تقديرا لتمسكهم بالأصالة من اجل التغلب على الكثير من التحديات المناخية والمعيشية.
يزخر تاريخ الإمارات بالكثير من الأمثلة في هذا المجال. فقيل أكثر من (3,000) سنة، ابتكر إنسان الإمارات نظام الأفلاج واستخدمها في الري مما جعلها تلعب دورا مهما في نشوء النشاط الزراعي. وقبل نحو (,5OOO) سنة، أدرك إنسان الإمارات أهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية وتسخيرها لمصلحة المجتمع وذلك عندما اكتشف مناجم النحاس في ذلك الوقت القديم كما تعرفنا دراسة التاريخ على الأصول التاريخية للمكانة المتميزة التي تحتلها دولة الإمارات العربية المتحدة في التجارة العالمية في العصر الحديث فقيل أكثر من (7000) سنة، مارس إنسان الإمارات النشاط التجاري كما تشير الاكتشافات التي عثر عليها علماء الأثار في جزيرة مروح، والتي تعود للعصر الحجري الحديث وعندما ندرس التاريخ الحديث لدولة الإمارات، نتعرف على الفوص على اللؤلؤ الطبيعي الذي مارسه سكان الإمارات منذ وقت بعيد والتحول الكبير الذي طرأ على هذا النشاط بعد اكتشاف اللؤلؤ الصناعي في القرن العشرين. وهذا ما يعطينا الكثير من الدروس في معرفة طبيعة التغيرات التي تحدث في حياة المجتمعات البشرية وما تعنيه أهمية الاستعداد لمثل هذه التغيرات والصمود أمام آثارها السلبية.
بالإضافة إلى هذه الدروس القيمة، تسلط دراسة التاريخ الضوء على منظومة القيم التي حافظت على وجودها ودورها لآلاف السنين ولا شك أن الإسلام هو أهم مصادر هذه القيم على الإطلاق حيث اعتنق سكان الإمارات الإسلام منذ ظهوره في شبه الجزيرة العربية قبل (1,500) سنة تقريبا، ولا تزال تعاليم الدين الإسلامي السمحة تلعب دورا جوهريا في جميع جوانب حياة المجتمع الإماراي منذ ذلك الحين. ومن هذه القيم على سبيل المثال لا الحصر قيم قبول الأخر والسلام والتسامح التي مارسها سكان الإمارات في حياتهم قبل آلاف السنين، وتجسدت عمليا في طريقة تعاملهم مع الشعوب الأخرى من أتباع الثقافات والديانات المختلفة وليس أخيرا، كما تعلمنا دراسة تاريخنا الإماراتي المكانة المحترمة التي احتلتها المرأة والدور المهم الذي لعبته في مجتمعنا المحلي
وبعد هذه النبذة الموجزة عن أهمية دراسة تاريخ الإمارات، آمل من الجميع، ولا سيما جيل الشباب، أن يقبلوا على دراسة تاريخنا ويتعرفوا على الإرث الغني الذي يضمه تاريخ دولتنا، وهذا من شانه أن يعمق من معرفتنا بالقيم التي ساهمت في تشكيل هياتنا، وكذلك معرفتنا بالتحديات التي واجهها أجدادنا والفرص التي استفادوا منها للتغلب على تلك التحديات وفي هذا المجال، لا أجد دليلا على أهمية دراسة تاريخنا أفضل من قول – المغفور له – الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – رحمه لله، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة وأول رئيس لها، عندما قال: “إن التاريخ سلسلة متصلة من الأحداث، وما الحاضر إلا امتداد للماضي. ومن لا يعرف ماضيه، لا يستيطع أن يستفيد من حاضره ويعيش مستقبله لأننا تتعلم الدروس من الماضي”. وفي هذا الوقت الراهن الذي تتضافر فيه جميع الجهود من أجل الاستغلال الأمثل للطاقات البشرية والطبيعية الهائلة التي تمتلكها دولتنا العظيمة والاستفادة منها لمصلحة الإماراتيين، من المفيد جدا أن نولي أهمية كبيرة لدراسة تاريخنا العريق واستخلاص الدروس والعبر منه، ومن أهمها الوحدة وبذلك، نستطيع أن نتطلع لبناء مستقبلنا المشرق بكثير من الثقة والاستعداد والإراده
صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان
تشكل اليابسة
تزدان دولة الإمارات العربية المتحدة بالمدن والطرق والمباني المتنوعة التي بنيت جميعها على تضاريس لم تكن موجودة سابقا كما نعرفها اليوم. فقد شهدت هذه التضاريس تغيرات هائلة في شكلها عبر العصور
التاريخية المتعاقبة خلال ال 50) مليون سنة الماضية. ويمكن لنا أن نرى شواهد عديدة على هذه التغيرات في مختلف أرجاء دولة الإمارات العربية المتحدة. فإذا ذهبنا بالسيارة إلى الساحل الشرقي مثلا، تطالعنا سلسلة من الجبال بقممها البارزة والملساء التي تشكلت نتيجة لمجموعة كبيرة من العمليات الجيولوجية التي لا تزال تحدث منذ ملايين السنوات حتى يومنا هذا.
قبل أن تتشكل هذه الجبال في الساحل الشرقي، كانت دولة الإمارات العربية المتحدة جزءا من كتلة ارضية ضخمة تسمى قارة “غندوابا انفصلت عن آسيا بواسطة محيط قديم كبير يسمى “بحر التيئس”. وتوجد شواهد على هذه التضار يس القديمة جدا في جبل الظنة بمنطقة الظفرة في إمارة أبو ظبي. إن اليابسة التي تشكل دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم كانت قطعة جيولوجية ضخمة بدأت تتحرك نحو الشمال منذ حوالي (260) مليون سنة مضت.
ذكرنا أن التضاريس المتنوعة التي نشاهدها اليوم على سطح أرض دولة الإمارات العربية المتحدة قد شهدت تغيرات هائلة خلال ال (500) مليون سنة الماضية، ولكن وتؤكد الدراسات الجيولوجية أن تلك التغيـرات كانت
أكثر حدة خلال 10) مليون سنة الماضية حيث كانت دولة الإمارات العربية المتحدة تقع في ذلك الزمن على حافة ما نسميه “الصفيحة العربية” إذ بدأت هذه الصفيحة بالغرق حتى ارتطمت بقاع المحيط. فما الذي حدث؟
عندما كانت ترتفع نسبة هطول الأمطار، كانت الأنهار تتدفق عبر أجزاء من أرض الإمارات وتتجه نحو الخليج العربي. وما يدل على ذلك وجود سبخة مطي في منطقة الظفرة من إمارة أبوظبي التي كانت تحتوي على
مجرى نهري ضخم ومجموعة من البحيرات، بالإضافة إلى الأودية التي تشكلت بفعل هطول الأمطار في جبال الحجر. وقد لعبت هذه الأودية دورا مهما في حياة الشعوب التى عاشت في تلك المنطقة في فترة زمنية لاحقة. فقد استخدم الناس تلك الأودية معبرا للتنقل بين الجبال، واستفادوا من تربتها الخصبة في زراعة المحاصيل. وقد أدى هطول الأمطار في تلك الجبال إلى انزلاق كميات كبيرة من الأتربة والصخور التي استقرت في الأجزاء المنخفضة من الأرض لتشكل على مر السنين تشكيلات أرضية مسطحة تسمى السهول الرسوبية التي يمكن أن نرى أمثلة عليها اليوم عند حافة سلسلة الجبال الممتدة من راس الخيمة جنوبا باتجاه مدينة العين، وكذلك على الساحل الشرقي. علاوة على ذلك، تسربت مياه الأمطار إلى باطن الأرض حيث استقرت هناك في فجوات صخرية ضخمة لآلاف حتى جاء الإنسان وبدأ بتطوير أساليب لاستخراجها والاستفادة منها.
كما شهد العصر الجيولوجي الرابع تغيرات في مستوى المياه في الخليج ، فمنذ حوالي (20,000) سنة مضت، كان الخليج العربي تقريبا جافا، اما نهرا دجلة والفرات في العراق، فقد كانا يشكلان نهرا واحدا يتدفق على طول مضيق هرمز ليصب في بحر العرب. ومن أبرز الآثار التي ترتبت على جفاف الخليج العري في تلك الفترة الزمنيـة أن الرياح القوية التي كانت تهب عليه كانت تدفع كميات كبيرة من الرمال والأتربة إلى الأراضي المجاورة، وهذا هو أحد التفسيرات لانتشار الكثبان الصحراوية البديعة على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم.